فرس قد جنبوها، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال، فأمسكه عنهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة، أخو بنى ساعدة فقال: وما حقه يا رسول الله؟ قال: أن تضرب به العدو حتى ينحنى، قال:
أنا آخذه يا رسول الله بحقه، فأعطاه إياه. وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب، إذا كانت، وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء، فاعتصب بها، علم الناس أنه سيقاتل، فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك، فعصب بها رأسه، وجعل (1) يتبختر بين الصفين.
قال ابن إسحاق: فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب عن رجل من الأنصار من بنى سلمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين رأى أبا دجانة يتبختر: إنها لمشية يبغضها الله، إلا في مثل هذا الموطن.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن أبا عامر، عبد عمرو ابن صيفي بن مالك بن النعمان أحد بنى ضبيعة - وقد كان خرج حين خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، معه خمسون غلاما من الأوس، وبعض الناس كان يقول: كانوا خمسة عشر رجلا، وكان يعد قريشا أن لو قد لقى قومه لم يختلف عليه منهم رجلان، فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس، أنا أبو عامر، قالوا:
فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق - وكان أبو عامر يسمى في الجاهلية: الراهب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق - فلما سمع ردهم عليه قال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ثم قاتلهم قتالا شديدا، ثم راضخهم بالحجارة.
قال ابن إسحاق: وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بنى عبد الدار