صلى الله عليه وسلم المدينة، فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها، فغيبهما في شعب من شعاب العقيق، ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
يا محمد، أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق، في شعب كذا وكذا؟ فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، فوالله ما اطلع على ذلك إلا الله، فأسلم الحارث، وأسلم معه ابنان له. وناس من قومه، وأرسل إلى البعيرين، فجاء بهما، فدفع الإبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ودفعت إليه ابنته جويرية، فأسلمت، وحسن إسلامها، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيها، فزوجه إياها، وأصدقها أربع مئة درهم.
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد إسلامهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فلما سمعوا به ركبوا إليه فلما سمع بهم هابهم، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن القوم قد هموا بقتله، ومنعوه ما قبلهم من صدقتهم، فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتى هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يغزوهم، فبينما هم على ذلك قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، سمعنا برسولك حين بعثته إلينا، فخرجنا إليه لنكرمه، ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة، فانشمر راجعا، فبلغنا أنه زعم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنا خرجنا إليه لنقتله، ووالله ما جئنا لذلك، فأنزل الله تعالى فيه وفيهم: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم 6 و 7 - من سورة الحجرات) إلى آخر الآية.