لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى تأتوا بني قريظة. فصلوا العصر بها، بعد العشاء الآخرة، فما عابهم الله بذلك في كتابه، ولا عنفهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم. حدثني بهذا الحديث أبى إسحاق بن يسار، عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري.
[قال]: وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب.
وقد كان حيى بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم، حين رجعت عنهم قريش وغطفان، وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه. فلما أيقنوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قال كعب ابن أسد لهم: يا معشر يهود، قد نزل بكم من الامر ما ترون، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها شئتم، قالوا: وما هي؟ قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه فوالله لقد تبين لكم إنه لنبي مرسل، وإنه للذي تجدونه في كتابكم، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره، قال: فإذ أبيتم على هذه، فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه، وإن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء، قالوا:
نقتل هؤلاء المساكين! فما خير العيش بعدهم؟ قال: فإن أبيتم على هذه فإن الليلة ليلة السبت، وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها، فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة، قالوا: نفسد سبتنا علينا، ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت، فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ!
قال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما.
قال: ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ابعث إلينا