وأما خبيب بن عدي، فحدثني عبد الله بن أبي نجيح، أنه حدث عن ماوية، مولاة حجير بن أبي إهاب، وكانت قد أسلمت، قالت: كان خبيب [عندي] حبس في بيتي، فلقد اطلعت عليه يوما، وإن في يده لقطفا من عنب، مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم في أرض الله عنبا يؤكل.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي نجيح [جميعا] أنها قالت: قال لي حين حضره القتل: ابعثي إلى بحديدة أتطهر بها للقتل، قالت: فأعطيت غلاما من الحي الموسى، فقلت: ادخل بها على هذا الرجل البيت، قالت: فوالله ما هو إلا أن ولى الغلام بها إليه، فقلت: ماذا صنعت! أصاب والله الرجل ثأره بقتل هذا الغلام، فيكون رجلا برجل، فلما ناوله الحديدة أخذها من يده ثم قال: لعمرك، ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلى!
ثم خلى سبيله.
قال ابن هشام: ويقال: إن الغلام ابنها.
قال ابن إسحاق: قال عاصم: ثم خرجوا بخبيب، حتى إذا جاءوا به إلى التنعيم ليصلبوه، قال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا، قالوا: دونك فاركع. فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم فقال:
أما والله لولا أن تظنوا أنى إنما طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة.
قال: فكان خبيب بن عدي أول من سن الركعتين عند القتل للمسلمين. قال ثم رفعوه على خشبة، فلما أوثقوه، قال: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك، فبلغه الغداة ما يصنع بنا، ثم قال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا. ثم قتلوه، رحمه الله.
فكان معاوية بن أبي سفيان يقول: حضرته يومئذ فيمن حضره مع أبي سفيان فلقد رأيته يلقيني إلى الأرض فرقا من دعوة خبيب، وكانوا يقولون: إن الرجل