قد بلغ عسفان، ثم بدا له في الرجوع، فقال: يا معشر قريش، إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب، وإني راجع، فارجعوا، فرجع الناس. فسماهم أهل مكة جيش السويق، يقولون: إنما خرجتم تشربون السويق.
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده، فأتاه مخشى بن عمرو الضمري - وهو الذي كان وادعه على بنى ضمرة في غزوة ودان - فقال: يا محمد، أجئت للقاء قريش على هذا الماء؟ قال: نعم، يا أخا بنى ضمرة وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك، ثم جالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك، قال: لا والله يا محمد، مالنا بذلك منك من حاجة.
فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أبا سفيان، فمر به معبد بن أبي معبد الخزعي، فقال - وقد رأى مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وناقته تهوى به -:
قد نفرت من رفقتي محمد * وعجوة من يثرب كالعنجد تهوى على دين أبيها الا تلد * قد جعلت ماء قديد موعدي وماء ضجنان لها ضحى الغد وقال عبد الله بن رواحة في ذلك - قال ابن هشام: أنشدنيها أبو زيد لكعب بن مالك الأنصاري:
وعدنا أبا سفيان بدرا، فلم نجد * لميعاده صدقا، وما كان وافيا فاقسم لو وافيتنا فلقيتنا * لأبت ذميما وافتقدت المواليا تركنا به أوصال عتبة وابنه * وعمرا أبا جهل تركناه ثاويا عصيتم رسول الله، أف لدينكم * وأمركم السئ الذي كان غاويا فإني وإن عنفتموني لقائل * فدى لرسول الله أهلي وماليا