والله لا يحب الظالمين): أي المنافقين الذين يظهرون بألسنتهم الطاعة وقلوبهم مصرة على المعصية * (وليمحص الله الذين آمنوا): أي يختبر الذين آمنوا حتى يخلصهم بالبلاء الذي نزل بهم، وكيف صبرهم ويقينهم (ويمحق الكافرين ": أي يبطل من المنافقين قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، حتى يظهر منهم كفرهم الذين يستترون به.
ثم قال تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين): أي أحسبتم أن تدخلوا الجنة، فتصيبوا من ثوابي الكرامة، ولم أختبركم بالشدة، وأبتليكم بالمكاره، حتى أعلم صدق ذلك منكم بالايمان بي، والصبر على ما أصابكم في، ولقد كنتم تمنون الشهادة على الذي أنتم عليه من الحق قبل أن تلقوا عدوكم، يعنى الذين استنهضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خروجه بهم إلى عدوهم، لما فاتهم من حضور اليوم الذي كان قبله ببدر، ورغبة في الشهادة التي فاتتهم بها، فقال: (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه) يقول: (فقد رأيتموه وأنتم تنظرون): أي الموت بالسيوف في أيدي الرجال قد خلى بينكم وبينهم وأنتم تنظرون إليهم، ثم صدهم عنكم (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين): أي لقول الناس:
قتل محمد صلى الله عليه وسلم، وانهزامهم عند ذلك، وانصرافهم عن عدوهم (أفإن مات أو قتل) رجعتم عن دينكم كفارا كما كنتم، وتركتم جهاد عدوكم، وكتاب الله، وما خلف نبيه صلى الله عليه وسلم من دينه معكم وعندكم، وقد بين لكم فيما جاء كم به عنى أنه ميت ومفارقكم (ومن ينقلب على عقبيه): أي يرجع عن دينه (فلن يضر الله شيئا): أي ليس ينقص ذلك