وكان يصلى في الحرم، فلما فرغ من الصلح قام إلى هديه فنحره، ثم جلس فحلق رأسه، وكان الذي حلقه، فيما بلغني، في ذلك اليوم خراش بن أمية ابن الفضل الخزاعي، فلما رأى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: حلق رجال يوم الحديبية، وقصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال:
يرحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: يرحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: والمقصرين، فقالوا: يا رسول الله فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين؟ قال: لم يشكوا.
وقال عبد الله بن أبي نجيح: حدثني مجاهد، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملا لأبي جهل، في رأسه برة من فضة، يغيظ بذلك المشركين.
قال الزهري في حديثه: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهه ذلك قافلا، حتى إذا كان بين مكة والمدينة، نزلت سورة الفتح:
(إنا فتحنا لك فتحنا مبينا، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ويتم نعمته عليك، ويهديك صراطا مستقيما - 1 و 2 من سورة الفتح).
ثم كانت القصة فيه وفى أصحابه، حتى انتهى إلى ذكر البيعة، فقال جل ثناؤه: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما عاهد عليه الله، فسيؤتيه أجرا عظيما - 10 من سورة الفتح).
ثم ذكر من تخلف عنه من الاعراب، حين استفزهم (1) للخروج معه