ثم قال تعالى، يعنى المنافقين الذين كانوا يتسللون من العمل، ويذهبون بغير إذن من النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا، قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم - 63 من سورة النور).
قال ابن هشام: اللواذ: الاستتار بالشئ عند الهرب، قال حسان بن ثابت:
وقريش تفر منا لواذا * أن يقيموا وخف منها الحلوم وهذا البيت في قصيدة له، قد ذكرتها في أشعار يوم أحد.
(ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه) قال ابن إسحاق: من صدق أو كذب (ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا، والله بكل شئ عليم - 64 من سورة النور).
قال ابن إسحاق: وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه، وارتجزوا فيه برجل من المسلمين، يقال له جعيل، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا، فقالوا:
سماه من بعد جعيل عمرا * وكان للبائس يوما ظهرا فإذا مروا " بعمرو " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمرا، وإذا مروا " بظهر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ظهرا.
قال ابن إسحاق: وكان في حفر الخندق أحاديث بلغتني، فيها من الله تعالى عبرة في تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحقيق نبوته، عاين ذلك المسلمون.
فكان مما بلغني أن جابر بن عبد الله كان يحدث: أنه اشتدت عليهم في بعض الخندق كدية، فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بإناء من ماء، فتفل فيه، ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به، ثم نضح ذلك الماء على تلك