قال ابن هشام: أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة بن شعبة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بنى مالك، من ثقيف، فتهايج الحيان من ثقيف: بنو مالك رهط المقتولين، والاحلاف رهط المغيرة، فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية، وأصلح ذلك الامر قال ابن إسحاق: قال الزهري: فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما كلم به أصحابه، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا.
فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه:
لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شئ إلا أخذوه، فرجع إلى قريش، فقال: يا معشر قريش، إني قد جشت كسرى في ملكه، وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشئ أبدا، فروا رأيكم.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي، فبعثه إلى قريش بمكة، وحمله على بعير له يقال له الثعلب، ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له، فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرادوا قتله، فمنعته الأحابيش، فخلوا سبيله، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس: أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين رجلا، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا، فأخذوا أخذا، فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعفا عنهم، وخلى سبيلهم، وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة والنبل.