ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بنى عبد الأشهل بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد، فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا.
[قال]: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن جنافة، إحدى نساء بنى عمرو بن قريظة، فكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفى عنها وهي في ملكه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليها أن يتزوجها، ويضرب عليها الحجاب، فقالت: يا رسول الله، بل تتركني في ملكك، فهو أخف على وعليك، فتركها. وقد كانت حين سباها قد تعصت بالاسلام، وأبت إلا اليهودية، فعزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجد في نفسه لذلك من أمرها. فبينا هو مع أصحابه، إذ سمع وقع نعلين خلفه، فقال: إن هذا لثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة، فجاءه فقال: يا رسول الله، قد أسلمت ريحانة، فسره ذلك من أمرها.
قال ابن إسحاق: وأنزل الله تعالى في أمر الخندق، وأمر بني قريظة من القرآن، القصة في سورة الأحزاب، يذكر فيها ما نزل من البلاء، ونعمته عليهم، وكفايته إياهم حين فرج ذلك عنهم، بعد مقالة من قال من أهل النفاق:
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها، وكان الله بما تعملون بصيرا). والجنود قريش وغطفان وبنو قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة. ويقول الله تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم، وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر، وتظنون بالله الظنونا). فالذين جاءوهم من فوقهم بنو قريظة، والذين جاءوهم من أسفل منهم قريش وغطفان. يقول الله [تبارك و] تعالى: (هنالك ابتلى المؤمنون