قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر، ومحمد بن يحيى بن حبان، كل قد حدثني بعض حديث بنى المصطلق، قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بنى المصطلق يجمعون له، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم خرج إليهم، حتى لقيهم على ماء لهم يقال له: المريسيع، من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا، فهزم الله بنى المصطلق، وقتل من قتل منهم، ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم، فأفاءهم عليه.
وقد أصيب رجل من المسلمين من بنى كلب بن عوف بن عامر بن ليث ابن بكر، يقال له: هشام بن صبابة (1)، أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت، وهو يرى أنه من العدو، فقتله خطأ.
فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الماء، وردت واردة الناس، ومع عمر بن الخطاب أجير له من بنى غفار، يقال له: جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني، حليف بنى عوف بن الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، فغضب عبد الله بن أبي بن سلول، وعنده رهط من قومه فيهم:
زيد بن أرقم، غلام حدث، فقال: أوقد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما أعدنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، وأما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: ما فعلتم بأنفسكم: أحللتموهم بلادكم، وقاسمتوهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم