مستأصل لكل ما فيهم من الحق له عليهم، بما أصابوا من معصيته، رحمة لهم، وعائدة عليهم، لما فيهم من الايمان.
ثم أنبهم بالفرار عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهم يدعون لا يعطفون عليه لدعائه إياهم، فقال: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد، والرسول يدعوكم في أخراكم، فأثابكم غما بغم، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم): أي كربا بعد كرب، بقتل من قتل من إخوانكم، وعلو عدوكم عليكم، وبما وقع في أنفسكم من قول من قال: قتل نبيكم، فكان ذلك مما تتابع عليكم غما بغم، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم، من ظهوركم على عدوكم، بعد أن رأيتموه بأعينكم، ولا ما أصابكم من قتل إخوانكم، حتى فرجت ذلك الكرب عنكم (والله خبير بما تعملون) وكان الذي فرج الله به عنهم ما كانوا فيه من الكرب والغم الذي أصابهم، أن الله عز وجل رد عنهم كذبة الشيطان بقتل نبيهم صلى الله عليه وسلم، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرهم، هان عليهم ما فاتهم من القوم بعد الظهور عليهم، والمصيبة التي أصابتهم في إخوانهم، حين صرف الله القتل عن نبيهم صلى الله عليه وسلم. (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم، وطائفة قد أهمتهم أنفسهم، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، يقولون: هل لنا من الامر من شئ؟ قل: إن الامر كل لله، يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك، يقولون: لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا ههنا، قل:
لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، وليبتلي الله ما في صدوركم، وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور)، فأنزل الله النعاس أمنة منه على أهل اليقين به، فهم نيام لا يخافون، وأهل النفاق قد أهمتهم أنفسهم، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، تخوف