لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم [منى] أنى منه بريئة، لأقولن ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني. قالت: ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره، فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف: (فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون - 81 من سورة يوسف) قالت: فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجى بثوبه ووضعت له وسادة من أدم تحت رأسه فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله ما فزعت ولا باليت، قد عرفت أنى بريئة وأن الله عز وجل غير ظالمي، وأما أبواي، فوالذي نفس عائشة بيده، ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ظننت لتخرجن أنفسهما، فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس، قالت: ثم سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس، وإنه ليتحدر منه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن جبينه، ويقول: أبشري يا عائشة، فقد أنزل الله براءتك، قالت: قلت: بحمد الله، ثم خرج إلى الناس، فخطبهم، وتلا عليهم ما أنزل الله عليه من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة، فضربوا حدهم.
قال ابن إسحاق: وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن بعض رجال بنى النجار: أن أبا أيوب خالد بن زيد، قالت له امرأته أم أيوب: يا أبا أيوب، ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: بلى، وذلك الكذب، أكنت يا أم أيوب فاعلة؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله، قال: فعائشة والله خير منك.
قالت: فلما نزل القرآن يذكر من قال من أهل الفاحشة ما قال من أهل الإفك فقال تعالى: (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم، لا تحسبوه شرا