رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه، وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك، فاجتمعوا معهم فيه.
قال ابن إسحاق: فخرجت قريش، وقائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان، وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، في بنى فزارة، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري، في بنى مرة، ومسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث ابن غطفان، فيمن تابعه من قومه [من] أشجع.
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أجمعوا له من الامر، ضرب الخندق على المدينة، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبا للمسلمين في الاجر، وعمل معه المسلمون فيه، فدأب فيه ودأبوا.
وأبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين، وجعلوا يورون بالضعيف من العمل، ويتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا إذن. وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة، من الحاجة التي لا بد له منها، يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستأذنه في اللحوق بحاجته، فيأذن له، فإذا قضى حاجته رجع إلى ما كان فيه من عمله، رغبة في الخير، واحتسابا له.
فأنزل الله تعالى في أولئك من المؤمنين: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله، وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله، فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم، واستغفر لهم الله، إن الله غفور رحيم - 62 من سورة النور). فنزلت هذه الآية فيمن كان من المسلمين من أهل الحسبة والرغبة في الخير، والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.