فصلى عليهم وعليه معهم، حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة.
قال ابن إسحاق: وقد أقبلت - فيما بلغني - صفية بنت عبد المطلب لتنظر إليه، وكان أخاها لأبيها وأمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام: القها فارجعها، لا ترى ما بأخيها، فقال لها: يا أمه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي، قالت: ولم؟ وقد بلغني أن قد مثل بأخي، وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك! لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله. فلما جاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، قال: خل سبيلها، فأتته، فنظرت إليه، فصلت عليه، واسترجعت، واستغفرت له، ثم أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن.
قال: فزعم لي آل عبد الله بن جحش - وكان لأميمة بنت عبد المطلب، حمزة خاله، وقد كان مثل به كما مثل بحمزة، إلا أنه لم يبقر عن كبده - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنه مع حمزة في قبره، ولم أسمع ذلك إلا عن أهله.
قال ابن إسحاق: و [كان] قد احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة، فدفنوهم بها، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال: ادفنوهم حيث صرعوا.
قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن مسلم الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة ابن صعير العذري، حليف بن زهرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على القتلى يوم أحد، قال: أنا شهيد على هؤلاء، أن ما من جريح يجرح في [سبيل] الله، إلا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه، اللون لون دم، والريح ريح مسك، وانظروا أكثر هؤلاء جمعا للقرآن، فاجعلوه أمام أصحابه في القبر - وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في القبر [الواحد].