وخذل الله بينهم، وبعث الله عليهم الريح في ليال شاتية باردة شديدة البرد، فجعلت تكفأ قدورهم، وتطرح أبنيتهم.
[وقال]: فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم، وما فرق الله من جماعتهم، دعا حذيفة بن اليمان، فبعثه إليهم، لينظر ما فعل القوم ليلا.
قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال:
قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله، أرأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟ قال: نعم يا بن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعون؟
قال: والله لقد كنا نجهد، قال: فقال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشى على الأرض ولحملناه على أعناقنا. قال: فقال حذيفة: يا بن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو يا من الليل، ثم التفت إلينا فقال: من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع - يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة - أسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة؟ فما قام رجل من القوم، من شدة الخوف، وشدة الجوع، وشدة البرد، فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني، فقال: يا حذيفة، اذهب فادخل في القوم، فانظر ماذا يصنعون، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا، قال: فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء.
فقام أبو سفيان، فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه؟ قال حذيفة:
فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ قال: فلان ابن فلان.
ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام،