قال ابن هشام: والدليل على قول الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحديبية في ألف وأربع مئة، في قول جابر بن عبد الله، ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف.
ما جرى عليه أمر قوم من المستضعفين بعد الصلح قال ابن إسحاق: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية، وكان ممن حبس بمكة، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، والأخنس ابن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثا رجلا من بنى عامر بن لؤي، ومعه مولى لهم، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الأزهر والأخنس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، فانطلق إلى قومك، قال يا رسول الله، أتردني إلى المشركين يفتنونني في ديني؟ قال: يا أبا بصير، انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا.
فانطلق معهما، حتى إذا كان بذي الحليفة، جلس إلى جوار جدار، وجلس معه صاحباه، فقال أبو بصير: أصارم سيفك هذا يا أخا بنى عامر؟ فقال: نعم، قال: أنظر إليه؟ قال: نغم، إن شئت. قال: فاستله أبو بصير، ثم علاه به حتى قتله، وخرج المولى سريعا حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم طالعا، قال: إن هذا لرجل قد رأى فزعا، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ويحك! مالك؟
قال: قتل صاحبكم صاحبي، فوالله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا بالسيف