الحسن مخلون، والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد.
فكان ذلك سبب حبس الباقين.
ولما حج المنصور سنة 144 أمر واليه على المدينة رياح بن عثمان أن يحملهم إلى الربذة مقيدين مغللين، فحملهم على غير وطاء، ومعادل كل واحد منهم جندي، ولما خرج بهم رياح من المدينة وقف الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) من وراء ستر يراهم ولا يرونه وهو يبكي ودموعه تجري على لحيته وهو يدعو الله، ثم قال: «والله لا يحفظ الله حرمته بعد هؤلاء».
وجئ بهم إلى المنصور مكتفين عراة وأوقفوا في الشمس، فقال له عبد الله هذا: ما هكذا فعلنا بأسراكم يوم بدر.
فأطرق برأسه وثقل عليه هذا التلميح والإشارة، وأمر بهم أن يحملوا إلى العراق فحبسوا بالهاشمية عند قنطرة الكوفة في سرداب، ما كانوا يعرفون فيه الليل والنهار، ولم يكن عندهم ماء للطهور، فكانوا يبولون ويتغوطون في مواضعهم حتى اشتدت عليهم الرائحة.
وبعد أن مضى عليهم ستون ليلة في الحبس، جاء أمر المنصور بقتلهم فدفن إبراهيم بن الحسن حيا، وأما محمد بن إبراهيم بن الحسن فقد أحضره المنصور - وكان أحسن الناس صورة - فقال له: أنت الديباج الأصغر؟
قال: نعم.
قال: لأقتلنك قتلة لم أقتلها أحدا، ثم أمر به فبنى عليه أسطوانة وهي حي فمات فيها.
وقيل: أمر بهم المنصور فسقوا السم فماتوا.
وقيل: إن المنصور أمر بهم فقتلوا، أما عبد الله المحض فقد مات مخنوقا.
وقيل: وضع المنصور على عبد الله من قال له: إن ابنه محمدا قد خرج فقتل، فانصدع قلبه فمات، وكانت شهادته يوم عيد الأضحى سنة 145 عن 75 سنة، وقبره في موضع الحبس مع جماعة من بني الحسن تعرف قبورهم بالسبعة.
قال ابن الأثير: لم ينج منهم إلا سليمان وعبد الله ابنا داود بن الحسن بن الحسن ابن علي، وإسحق وإسماعيل ابنا إبراهيم بن الحسن بن الحسن، وانقضى