بينهما قتل فيها خلق كثير - حتى فنى طعامهم، وكان معه في القصر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبو الطفيل عامر بن واثلة، ولما اشتد الأمر رمى بنفسه من القصر وأفلت فلم يقتل وقال:
ولما رأيت الباب قد حيل دونه * تكسرت باسم الله فيمن تكسرا ولأربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان خرج المختار بمن معه مستميتين، فقتلوا وقتل المختار عند موضع الزياتين، قتله أخوان من بني حنيفة يقال لأحدهما:
طارف، وللآخر طريف ابنا عبد الله بن دجاجة.
وقيل: قتله صراف بن يزيد الحنفي، وجاءا برأسه إلى مصعب بن الزبير، فأجازهما بثلاثين ألف درهم، ثم قطع كفه وسمرها إلى جنب المسجد الأعظم بمسمار حديد، واستمرت على هذا الحال إلى أن استولى الحجاج، فذكرت له فأنزلها وكفنها ودفنها، ثم بعث مصعب الرأس إلى أخيه عبد الله، فلم يدفع لحامله شيئا وقال له: خذ الرأس جائزتك (1).
يقول ابن الأثير: قيل: إن مصعبا لقي ابن عمر فسلم عليه وقال له: أنا ابن أخيك مصعب.
فقال له ابن عمر: أنت القاتل سبعة آلاف من أهل القبلة في غداة واحدة غير ما بدا لك.
فقال مصعب: إنهم كانوا كفرة فجرة.
فقال: والله لو قتلت عدتهم غنما من تراث أبيك لكان ذلك سرفا.
وقال ابن الزبير لعبد الله بن عباس: ألم يبلغك قتل الكذاب؟
قال: ومن الكذاب؟
قال: ابن أبي عبيدة.
قال: قد بلغني قتل المختار.
قال: كأنك أنكرت تسميته كذابا ومتوجع له؟
قال: ذاك رجل قتل قتلتنا وطلب ثأرنا وشفى غليل صدورنا، وليس جزاؤه منا الشتم والشماتة (2).