ثم قال: يا أهل الشام هذا أول الفتح، وصعد المسجد ومعه جماعة معهم النبل ليرموهم إن دنوا منه، فاقتتلوا عامة النهار أشد قتال رآه الناس، حتى أقر كل واحد من الفريقين لصاحبه.
ثم إن خالد بن عتاب قال للحجاج: ائذن لي في قتالهم فإني موتور.
فأذن له فخرج ومعه جماعة من أهل الكوفة وقصد عسكرهم من ورائهم، فقتل مصادا أخا شبيب وقتل امرأته غزالة وحرق في عسكره، وأتى الخبر الحجاج وشبيبا فكبر الحجاج وأصحابه، وأما شبيب فركب هو وأصحابه وقال الحجاج لأهل الشام:
احملوا عليهم فإنهم قد أتاهم ما أرعبهم، (فشدوا عليهم) (1) فهزموهم وتخلف شبيب في حامية الناس فبعث الحجاج إلى خيله: أن دعوه، فتركوه ورجعوا، ودخل الحجاج الكوفة فصعد المنبر ثم قال: والله ما قوتل شبيب قبلها، ولى والله هاربا وترك امرأته يكسر في أستها القصب (2).
وقيل في هزيمته غير ذلك، وهو أن الحجاج كان قد بعث إلى شبيب أميرا، فقتله، أحدهما أعين صاحب حمام أعين، ثم جاء شبيب حتى دخل الكوفة ومعه زوجته غزالة - وكانت نذرت أن تصلي في جامع الكوفة ركعتين تقرأ فيهما البقرة وآل عمران - واتخذ في عسكره إخصاصا، فجمع الحجاج ليلا بعد أن لقى من شبيب الناس ما لقوا، فاستشارهم في أمر شبيب فأطرقوا، وفصل قتيبة من الصف فقال:
أتأذن لي في الكلام؟
قال: نعم.
قال: إن الأمير ما راقب الله ولا أمير المؤمنين ولا نصح الرعية.
قال: وكيف ذلك؟
قال: لأنك تبعث الرجل الشريف وتبعث معه رعاعا فينهزمون ويستحي أن ينهزم فيقتل.
قال: فما الرأي؟
قال: الرأي أن تخرج إليه فتحاكمه.
قال: فانظر لي معسكرا.