معك.
فقال ابن مطيع: إني لأكره أن آخذ منه أمانا والأمور لأمير المؤمنين مستقيمة بالحجاز والبصرة.
قال: فتخرج ولا يشعر بك أحد فتنزل بالكوفة عند من تثق إليه، حتى تلحق بصاحبك.
وأشار بذلك عبد الرحمن بن سعيد وأسماء بن خارجة وابن مخنف وأشراف الكوفة، فأقام حتى أمسى وقال لهم: قد علمت إن الذين صنعوا هذا بكم أنهم أراذلكم وأخساؤكم، وأن أشرافكم وأهل الفضل منكم سامعون مطيعون، وأنا مبلغ ذلك صاحبي ومعلمه طاعتكم وجهادكم حتى كان الله الغالب على أمره، فأثنوا عليه خيرا.
خرج عنهم وأتى دار أبي موسى فجاء ابن الأشتر ونزل القصر ففتح أصحابه الباب وقالوا: يا بن الأشتر آمنون نحن.
قال: أنتم آمنون.
فخرجوا فبايعوا المختار، ودخل المختار القصر فبات فيه وأصبح أشراف الناس في المسجد وعلى باب القصر، وخرج المختار فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، فقال:
الحمد لله الذي وعد وليه النصر وعدوه الخسر، وجعله فيه إلى آخر الدهر وعدا مفعولا وقضاء مقضيا، وقد خاب من افترى، أيها الناس إنا رفعت لنا راية، ومدت لنا غاية، فقيل لنا في الراية: أن ارفعوها (1)، وفي الغاية: أن اجروا إليها ولا تعدوها.
فسمعنا دعوة الداعي ومقالة الواعي، فكم من ناع وناعية لقتلى في الواعية، وبعدا لمن طغى وأدبر وعصى وكذب وتولى، ألا فأدخلوا أيها الناس وبايعوا بيعة هدى، فلا والذي جعل السماء سقفا مكفوفا، والأرض فجاجا سبلا، ما بايعتم بعد بيعة علي بن أبي طالب وآل علي أهدى منها.
ثم نزل ودخل عليه أشراف الكوفة، فبايعوه على كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والطلب بدماء أهل البيت (عليهم السلام) وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال