الشبيبية من فرق النواصب.
قال الجاحظ في نعته: كان يصيح في جنبات الجيش إذا أتاه، فلا يلوي أحد على أحد، خرج في الموصل مع صالح بن مسرح على الحجاج الثقفي فقتل صالح ابن مسرح، فنادى شبيب بالخلافة فبايعه نحو 120 رجلا ثم قويت شوكته، فوجه إليه الحجاج خمسة قواد قتلهم واحدا بعد واحد ومزق جموعهم، ثم رحل من الموصل يريد الكوفة، فقصده الحجاج بنفسه - كما ستعرف - فنشبت بينهما معارك فشل فيها الحجاج، فأنجده عبد الملك بجيش من الشام ولي قيادته سفيان بن الأبرد الكلبي، فتكاثر الجمعان على شبيب، فقتل كثيرون من أصحابه ونجا بمن بقي منهم، فمر بجسر دجيل - في نواحي الأهواز - فنفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل من درع ومغفر وغيرهما، فاضطربت الحجر تحته ونزل حافر الفرس على جرف السفينة فسقط في الماء، فلما سقط قال: ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وانغمس في الماء ثم ارتفع وقال: ذلك تقدير العزيز العليم، وغرق (1).
وقيل في قتله غير ذلك، وكان ذلك سنة 77، وإليك فيما يلي نص الحادثة على ما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 77:
سار شبيب من سورا فنزل حمام أعين، فدعا الحجاج الحرث بن معاوية الثقفي فوجهه في ناس من الشرط لم يشهدوا يوم عتاب وغيرهم فخرج في نحو ألف، فنزل زرارة فبلغ ذلك شبيبا فجعل إلى الحرث بن معاوية، فلما انتهى إليه حمل عليه فقتله وانهزم أصحابه، وجاء المنهزمون فدخلوا الكوفة، وجاء شبيب فعسكر بناحية الكوفة وأقام ثلاثا فلم يكن في اليوم الأول غير قتل الحرث، فلما كان اليوم الثاني أخرج الحجاج مواليه فأخذوا بأفواه السكك، فجاءه شبيب فنزل السبخة وابتنى بها مسجدا، فلما كان اليوم الثالث أخرج الحجاج أبا الورد مولاه عليه تجفاف (2) ومع غلمان له، وقالوا: هذا الحجاج.
فحمل عليه شبيب فقتله، وقال: إن كان هذا الحجاج فقد أرحتكم منه.
ثم أخرج الحجاج غلامه طهمان في مثل تلك العدة والحالة فقتله شبيب،