ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه إذا هو جاءهم وإقرارهم به على أنفسهم، فقال تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصره قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين).
حدثني محمد بن أبي أمامه قال: لما وقد أهل نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عيسى ابن مريم - عليه السلام - نزلت فيهم فاتحة آل عمران إلى رأس الثمانين (١).
وقال يونس بن بكير، عن سلمة بن عبد يشوع، عن أبيه، عن جده، قال يونس - وكان نصرانيا فأسلم -: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن تنزل عليه: ﴿طس * تلك أيات القرآن وكتاب مبين﴾ (2) باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران: إن أسلمتم، فأني أحمد إليكم الله، إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد أذنتكم بحرب آذنتكم.
والسلام.
فلما آتي الأسقف الكتاب وقرأه فظع به وذعره ذعرا شديدا، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له: شرحبيل بن وداعة، وكان من همدان ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة قبله لا الأيهم، ولا السيد، ولا العاقب، فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل فقرأه، فقال للأسقف: يا أبا مريم!
ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة، فما يؤمن من أن يكون هذا هو ذلك الرجل، ليس لي في النبوة رأي،