وخرج مسلم من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا، وأرق أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، رأس الكفر في المشرق (1).
(١) (مسلم بشرح النووي): ٢ / ٣٩٣، كتاب الإيمان، باب (21) تفاضل أهل اليمن فيه، ورجحان أهل اليمن فيه، حديث رقم (90).
قوله صلى الله عليه وسلم: ألين قلوبا وأرق أفئدة، المشهور أن الفؤاد هو القلب فعلى هذا يكون كرر لفظ القلب بلفظين، وهو أولى من تكريره بلفظ واحد. وقيل: الفؤاد غير القلب وهو عين القلب، وقيل: باطن القلب، وقيل: غشاء القلب.
وأما وصفها باللين والرقة والضعف، فمعناه أنها ذات خشية واستكانة سريعة الاستجابة، والتأثر بقوارع التذكير، سالمة من الغلظ والشدة والقسوة التي وصف بها قلوب الآخرين.
قال: وقوله صلى الله عليه وسلم: في الفدادين، فزعم أبو عمر الشيباني أنه بتخفيف الدال، وهو جمع فداد بتشديد الدال، وهو عبارة عن البقر التي يحرث عليها، حكاه عنه أبو عبيد وأنكره عليه، وعلى هذا المراد بذلك أصحابها، فحذف المضاف، والصواب في الفدادين بتشديد الدال، جمع فداد بدالين أولاهما مشددة، وهذا قول أهل الحديث والأصمعي وجمهور أهل اللغة، وهو من الفديد، وهو الصوت الشديد، فهم الذين تعلو أصواتهم في إبلهم وخيلهم وحروثهم ونحو ذلك.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: هم المكثرون من الإبل الذين يملك أحدهم المائتين منها إلى الألف، وقوله: إن القسوة في الفدادين عند أصول أذناب الإبل، معناه: الذين لهم جلبة وصياح عند سوقهم لها.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: الفخر والخيلاء، فالفخر هو الافتخار وعد المآثر القديمة تعظيما، والخيلاء الكبر واحتقار الناس.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: في أهل الخيل والإبل الفدادين أهل الوبر، فالوبر وإن كان من الإبل دون الخيل، فلا يمتنع أن يكون قد وصفهم بكونهم جامعين بين الخيل والإبل والوبر.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: والسكنية في أهل الغنم، فالسكينة، الطمأنينة والسكون على خلاف ما ذكره من صفة الفدادين، هذا آخر ما ذكره الشيخ أبو عمرو رحمه الله، وفيه كفاية فلا تطول بزيادة عليه. والله - تعالى - أعلم. (شرح النووي).