وأنا آمن؟ قالوا: نعم، وعرفه أبو محجن فقال: ادن، فدنا، قال لي:
أدخل، فدخل عليهم الحصن، فقال: فداءكم أبي وأمي، والله لقد سرني ما رأيت منكم، والله إني إلى العرب أحدا غيركم! والله ما لاقي محمد مثلكم قط ولقد مل المقام فاثبتوا في حصنكم فإن حصنكم حصين، وسلاحكم كثير وماءكم، واتن لا تخافون قطعه، فلما خرج قالت ثقيف لأبي محجن: فإن كرهنا دخوله وخشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه فينا أو في حصننا.
قال أبو محجن: أنا كنت أعرف له، ليس منا أحد أشد على محمد وإن كان معه، فلما رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ما قلت لهم؟ قال: قلت لهم ادخلوا في الإسلام، فوالله لا يبرح محمد عقر داركم حتى تنزلوا، فخذوا لأنفسكم أمانا قد نزل بساحة أهل الحصون قبلكم قينقاع، والنضير، وقريظة، وخيبر أهل الحلقة، والعدة، والآطام، فخذلتهم ما استطعت. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت عنه حتى إذا فرغ من حديثه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبت! قلت لهم كذا وكذا للذي قال، فقال عيينة: أستغفر الله، فقال عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -:
يا رسول الله دعني أقدمه فأضرب عنقه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، ويقال: إن أبا بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أغلظ له يومئذ وقال: ويحك يا عيينة إنما أنت أبدا توضع في الباطل، كم لنا منك من يوم بني النضير، وقريظة، وخيبر، تجلب علينا عدونا، وتقاتلنا بسيفك، ثم أسلمت كما زعمت، فتحرض علينا عدونا! قال: أستغفر الله يا أبا بكر، وأتوب إليه، لا أعود أبدا.