(قال الواقدي) (1) حدثني كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قال: لما مضت خمس عشرة ليلة من حصارهم استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم نوفل بن معاوية الديلي فقال: يا نوفل ما (تقول أو) ترى؟ فقال: يا رسول الله ثعلب في حجر، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك شئ، قال أبو هريرة - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: ولم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في فتحها.
قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر فأذن في الناس بالرحيل، فجعل الناس يضجون من ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاغدوا على القتال، فغدوا، فأصابت المسلمين جراحات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا قافلون إن شاء الله، فسروا بذلك وأذعنوا (2)، وجعلوا يرحلون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فلما استقل الناس لوجههم نادى سعد بن عبيد بن أسيد بن عمرو بن علاج الثقفي قال: ألا إن الحي مقيم.
قال: يقول عيينة بن حصن: أجل والله مجدة كرام، فقال له عمرو بن العاص - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: قاتلك الله، تمدح قوما مشركين بالامتناع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جئت تنصره؟ فقال: إني والله ما جئت معكم أقاتل ثقيفا، ولكن أردت أن يفتح محمد الطائف، فأصيب جارية من ثقيف فأطأها لعلها تلد لي رجلا، فإن ثقيفا قوم مباركون.
قال: فأخبر عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالته فتبسم صلى الله عليه وسلم، ثم قال: هذا الأحمق (3) المطاع، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين أرادوا أن يرتحلوا:
قولوا: لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، فلما ارتحلوا واستقلوا قال: قولوا آئبون إن شاء الله تائبون، عابدون