به، برد حبرة (1)، فخرج عمير في طلبه الثانية حتى جاءه بالبرد، فقال: أبا وهب، جئتك من عند خير الناس، وأوصل الناس، وأبر الناس، وأحلم الناس، مجده مجدك، وعزه عزك، وملكه ملكك، ابن أمك وأبيك، أذكرك الله في نفسك، قال له: أخاف أن أقتل، قال: قد دعاك إلى أن تدخل في الإسلام، فإن رضيت وإلا سيرك شهرين، فهو أوفى الناس وأبرهم، وقد بعث إليك ببرده الذي دخل به معتجرا، تعرفه؟ قال: نعم، فأخرجه، فقال: نعم هو هو! حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالمسلمين العصر بالمسجد، فوقفا، فقال صفوان: كم تصلون في اليوم والليلة؟ قال:
خمس صلوات، قال: يصلي بهم محمد؟ قال: نعم، فلما سلم صاح صفوان:
يا محمد! إن عمير بن وهب جاءني ببردك وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرا وإلا سيرتني شهرين، قال: انزل أبا وهب.
قال: لا والله حتى يتبين لي، قال: بل تسير أربعة أشهر، فنزل صفوان، وخرج رسول الله قبل هوازن، وخرج معه صفوان وهو كافر، وأرسل إليه يستعيره سلاحه، فأعاره سلاحه، مائة درع بأداتها، فقال صفوان: طوعا أو كرها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل) عارية مؤداة، فأعاره، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملها إلى حنين، فشهد حنينا والطائف، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في الغنائم ينظر إليها، ومعه صفوان بن أمية، فجعل صفوان ينظر إلى شعب ملي نعما، وشاء، ورعاء، فأدام إليه النظر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه، فقال: أبا وهب يعجبك هذا الشعب؟
قال: نعم، قال: هو لك وما فيه، فقال صفوان عند ذلك: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأسلم مكانه (2).