بعد أن ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمل المنجنيق والدبابات والعرادات (3)، وأعد ذلك حتى قذف الله في قلبه الإسلام.
فقدم المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ثم قال: يا رسول الله ائذن لي فآتي قومي فأدعوهم إلى الإسلام، فوالله ما رأيت مثل هذا الدين ذهب عنه ذاهب، فأقدم على أصحابي وقومي بخير قادم، وما قدم وافد قط على قومه إلا من قدم بمثل ما قدمت به، وقد سبقت يا رسول الله في مواطن كثيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم إذا قاتلوك، قال: يا رسول الله لأنا أحب إليهم من أبكار أولادهم.
ثم استأذنه الثانية، فأعاد عليه الكلام الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم إذا قاتلوك. فقال: يا رسول الله لو وجدوني نائما ما أيقظوني، واستأذنه الثالثة فقال: إن شئت فاخرج.
فخرج إلى الطائف فسار إليها خمسا، فقدم على قومه عشاء فدخل منزله، فأنكر قومه دخوله منزله من قبل أن يأتي الربة (4)، ثم قالوا: السفر قد حصره (5)، فجاءوا منزله، فحيوه بتحية الشرك، فكان أول ما أنكر عليهم تحية الشرك، فقال: عليكم تحية أهل الجنة، ثم دعاهم إلى الإسلام وقال: يا قوم أتتهمونني؟ ألستم تعلمون أني أوسطكم نسبا، وأكثركم مالا، وأعزكم نفرا؟ فما حملني على الإسلام إلا أني رأيت أمرا لا يذهب عنه ذاهب، واقبلوا