قال أبو زيد: أما الهدي: فهي البدن، كانت تهدى إلى البيت فيعلق في أعناقها النعال وعليها جلالها فتمر بالمشركين وهم يأكلون الميتة والجلد، ولقد والله لهذا هو أخبث ما أكل الناس، كان يبلغ بهم الجوع أن يحلقوا أوبار الإبل فيجمعونها بالدم، فيأكلونه، وكانوا لا يعرضون للبدن تعظيما لها، وأما القلائد فكان الرجل إذا توجه إلى مكة حاجا جعل في عنقه قلائد من لحاء السمر (1) أو من شعر أسود فيمر بالكفار، فلا يعرضون له وإن كانوا يطلبونه بدم، فيقولون: هذا يريد بيت الله، وإذا صدر من مكة راجعا جعل في عنقه قلادة من إذخر (2) مكة، فقالوا: شجر الحرم في عنقه، إياكم وإياه وأما (آمين البيت الحرام) فهو من كان توجه يريد مكة يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا.
قال أبو بكر حدثنا محمد بن بلال بن أبي بردة - وهو أمير البصرة يومئذ: فأرسل إلى الحسن في الليل فأتيته فقال: أرأيت قوله: (يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا) الفضل والرضوان؟ قلت: الفضل: التجارة، والرضوان: الأجر. قال: الكفار يدرون ما الأجر ويريدونه؟ قلت: نعم، قد كانوا يعتقون الرقاب ويصلون الأرحام ويحجون، وأنشد أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في كتاب الكامل. فأنشدني.
قوله أن النشد يعني فرس أو ناقة، وقوله: قد لفها الليل بسواق حطم فهو الذي لا يبقي من السير شيئا ويقال: رجل حطم للذي يأتي شيئا على الزاد لشدة أكله، يقال للنار التي لا تبقي حطمة! وقوله: على ظهر وضم، الوضم: كل ما قطع اللحم. (عليه).