لتمسحنا به، فخرجوا حتى أتوا حرة واقم، وشراجها تطرد، فشربوا منها وتوضأنا فقال كعب: والله يا أمير المؤمنين ليسيلن هذا الشراج بدماء الناس كما يسيل بهذا الماء! فقال عمر: دعنا من أحاديثك، قال: فدنا منه عبد الله بن الزبير فقال: يا أبا الحق ومتى ذلك؟ وفي أي زمان؟ قال: إياك أن يكون ذلك على يدك.
وعن موسى بن عقبة، عن عطاء بن أبي مروان الواسطي، عن أبيه، عن كعب الأحبار قال: أفنجد في كتاب الله حرة في المدينة تقتل بها مقتلة تضيء وجوههم يوم القيامة كما يضئ القمر ليلة البدر؟
وذكر من حديث زيد بن كثير عن المطلب بن عبد الله، عن ابن أبي ربيعة أنه مر بعروة بن الزبير وهو يبني قصره بالعقيق، فقال: أردت الحرث يا أبا عبد الله؟ قال: لا، ولكنه ذكر لي أنه سيصيبها عذاب يعني المدينة، فقلت: إن أصابها شئ كنت متنحيا عنها.
قال كاتبه: وكان من خبر وقعة الحرة (1) أن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان عامل المدينة ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان، بعث بوفد من أهل المدينة إلى يزيد فيهم عبد الله بن حنظلة الغسيل وعبد الله بن عمرو بن أبي حفص، بن المغيرة المجذومي، والمنذر بن الزبير بن العوام، فأكرمهم يزيد وأعظم جوائزهم، فلما عادوا إلى المدينة أظهروا شيم يزيد، وعابوه بشرب الخمر، وعزف القيان، واللعب بالكلاب، وخلعوه، وبايعوا عبد الله بن خنظلة في سنة اثنتين وستين، فندب يزيد لحربهم مسلم بن عقبة المزني، ويسمى مسرفا، في اثنى عشر ألف، وعهد إليه إن ظهر عليهم أن يبيح المدينة، وقاتلهم بعد ما دعاهم إلى طاعة يزيد، وأجلهم ثلاثا فلم يجيبوه، فهزمهم بعد قتال شديد، قتل فيه عبد الله بن حنظلة، وعبد الله بن زيد المازني، ومعقل بن سنان الأشجعي، في سبعمائة من حملة القرآن وعدة كثيرة.
قال أبو الهيثم: قتل يوم الحرة - حرة واقم نحو - من ستين ألف وخمسمائة.