وأخوه سيحان وارتث صعصعة أخوهما واشتدت الحرب، فلما رأى علي ذلك بعث إلى ربيعة وإلى اليمن أن أجمعوا من يليكم، فقام رجل من عبد القيس من أصحاب علي فقال: ندعوكم إلى كتاب الله، فقالوا: وكيف يدعونا إليه من لا يستقيم ولا يقيم حدود الله وقد قتل كعب بن سور داعي الله! ورمته ربيعة رشقا واحدا فقتلوه، فقام مسلم بن عبد الله العجلي مكانه فرشقوه رشقا واحدا فقتلوه، ودعت يمن الكوفة يمن البصرة فرشقوهم، وأبى أهل الكوفة القتال ولم يريدوا إلا عائشة، فذكرت أصحابها فاقتتلوا حتى تنادوا فتحاجزوا، ثم رجعوا فاقتتلوا وتزاحف الناس وظهرت يمن البصرة على يمن الكوفة فهزمتهم، وربيعة البصرة على ربيعة الكوفة فهزمتهم، ثم عاد يمن الكوفة فقتل على رايتهم عشرة، خمسة من همدان وخمسة من سائر اليمن ورجعت ربيعة الكوفة فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل على رايتهم، وهم في المسيرة: زيد وعبد الله بن رقبة وأبو عبيدة بن راشد بن سلمى وهو يقول: اللهم أنت هديتنا من الضلالة واستنقذتنا من الجهالة، وابتليتنا بالفتنة فكنا في شبهة وعلى ريبة، وقتل واشتد الأمر حتى لزقت ميمنة أهل الكوفة بقلبهم وميسرة أهل البصرة بقلبهم ومنعوا ميمنة أهل الكوفة أن يختلطوا بقلبهم وإن كانوا إلى جنبهم، وفعل مثل ذلك ميسرة أهل الكوفة بميمنة أهل البصرة، فلما رأى الشجعان من مضر الكوفة والبصرة الصبر تنادوا: طرفوا إذا فرغ الصبر، فجعلوا يقصدون الأطراف الأيدي والأرجل، فما رؤي وقعة كانت أعظم منها قبلها ولا بعدها ولا أكثر ذراعا مقطوعة ولا رجلا مقطوعة، وأصيب يد عبد الرحمن بن عتاب قبل قتله، فنظرت عائشة من يسارها فقالت: من القوم عن يساري؟ قال صبرة بن شيمان: بنوك الأزد، فقالت: يا آل غسان حافظوا اليوم على جلادكم الذي كنا نسمع به، فكان الأزد يأخذون بعر الجمل يشمونه ويقولون: بعر جمل أمنا ريحه ريح المسك، وقالت لمن عن يمينها: من القوم عن يميني؟ قال: بكر بن وائل، قالت: إنما بإزائكم عبد القيس، فاقتتلوا أشد من قتالهم قبل ذلك، وأقبلت على كتيبة بين يديها فقالت: من القوم؟ قالوا: بنوا ناجية، قالت: بخ بخ سيوف أبطحية قرشية! فجالدوا جلادا يتفادى منه، ثم أطافت بها بنو ضبة فقالت: ويها جمرة الجمرات! فلما رقوا خالطهم بنو عدي بن عبد مناة وكثروا
(٢٤٥)