بعذرهم ونعطيهم الحق ونصبر، قال: فإن لم يرضوا؟ قال: ندعهم ما تركونا قال: فإن لم يتركونا؟ قال: امتنعنا منهم، قال: فنعم إذا.
وسار علي من الربذة وعلى مقدمته أبو ليلى بن عمر بن الجراح، والراية مع محمد بن الحنفية، وعلي على ناقة حمراء يقود فرسا كميتا، فلما انتهى إلى ذي قار أتاه فيها عثمان بن حنيف وليس في وجهه شعرة، وقيل: أتاه بالربذة، وكانوا قد نتفوا شعر رأسه ولحيته، على ما ذكرناه، فقال: يا أمير المؤمنين بعثتني ذا لحية وقد جئتك أمرد، فقال: أصبت أجرا وخيرا، إن الناس وليهم قبلي رجلان فعملا بالكتاب والسنة، ثم وليهم ثالث فقالوا وفعلوا، ثم بايعوني وبايعني طلحة والزبير، ثم نكثا بيعتي وألبا الناس علي، ومن العجب انقيادهما لأبي بكر وعمر وعثمان وخلافهما علي، والله إنهما ليعلمان أني لست بدون رجل ممن تقدم، اللهم فاحلل ما عقدا ولا تبرم ما أحكما في أنفسهما، وأرهما المساءة فيما قد عملا! وأقام بذي قار ينتظر محمدا ومحمدا، فأتاه الخبر بما لقيت ربيعة وخروج عبد القيس.
وقيل: إن عليا أرسل الأشتر بعد ابنه الحسن وعمار إلى الكوفة فدخل والناس في المسجد وأبو موسى يخطبهم ويثبطهم والحسن وعمار معه في منازعة، وكذلك سائر الناس، كما تقدم، فجعل الأشتر لا يمر بقبيلة فيها جماعة إلا دعاهم، ويقول: اتبعوني إلى القصر، فانتهى إلى القصر في جماعة الناس، فدخله وأبو موسى في المسجد يخطبهم ويثبطهم والحسن يقول له:
اعتزل علمنا لا أم لك! وتنح عن منبرنا! وعمار ينازعه، فأخرج الأشقر غلمان أبي موسى من القصر، فخرجوا يعدون وينادون: يا أبا موسى هذا الأشتر قد دخل القصر فضربنا وأخرجنا. فنزل أبو موسى فدخل القصر فصاح به الأشتر: اخرج لا أم لك أخرج الله نفسك! فقال: أجلني هذه العشية فقال:
هي لك ولا تبيتن في القصر الليلة، ودخل الناس ينهبون متاع أبي موسى، فمنعهم الأشتر وقال: أنا له جار، فكفوا عنه. فنفر الناس في العدد المذكور، وقيل: إن عدد من سار من الكوفة اثنا عشر ألف رجل ورجل، قال أبو الطفيل، سمعت عليا يقول ذلك قبل وصولهم، فقعدت فأحصيتهم فما زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا. وكان على كنانة وأسد وتميم والرباب ومزينة معقل بن يسار