ضعيفة. وقد أسند الخطيب من طريقه عن آبائه حديثين منكرين أحدهما في ذم بني أمية ومدح بني العباس من الخلفاء. والثاني في النهي عن الحجامة يوم الخميس. وذكر بسنده عن المعتصم أن ملك الروم كتب إليه كتابا يتهدده فيه فقال للكاتب اكتب: قد قرأت كتابك وفهمت خطابك والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار. قال الخطيب: غزا المعتصم بلاد الروم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين، فأنكى نكاية عظيمة في العدو، وفتح عمورية وقتل من أهلها ثلاثين ألفا وسبى مثلهم، وكان في سبيه ستون بطريقا، وطرح النار في عمورية في سائر نواحيها فأحرقها وجاء بنائبها إلى العراق وجاء ببابها أيضا معه وهو منصوب حتى الآن على أحد أبواب دار الخلافة مما يلي المسجد الجامع في القصر. وروي عن أحمد بن أبي دؤاد القاضي أنه قال: ربما أخرج المعتصم ساعده إلي وقال لي: عض يا أبا عبد الله بكل ما تقدر عليه، فأقول إنه لا تطيب نفسي يا أمير المؤمنين أن أعض ساعدك، فيقول: إنه لا يضرني. فأكدم بكل ما أقدر عليه فلا يؤثر ذلك في يده. ومر يوما في خلافة أخيه بمخيم الجند فإذا امرأة تقول: ابني ابني، فقال لها: ما شأنك؟ فقالت: ابني أخذه صاحب هذه الخيمة. فجاء إليه المعتصم فقال له: أطلق هذا الصبي، فامتنع عليه فقبض على جسده بيده فسمع صوت عظامه مت تحت يده، ثم أرسله فسقط ميتا وأمر بإخراج الصبي إلى أمه. ولما ولي الخلافة كان شهما وله همة عالية في الحرب ومهابة عظيمة في القلوب، وإنما كانت نهمته في الانفاق في الحرب لا في البناء ولا في غيره.
وقال أحمد بن أبي دؤاد: تصدق المعتصم على يدي ووهب ما قيمته مائة ألف ألف درهم. وقال غيره: كان المعتصم إذا غضب لا يبالي من قتل ولا ما فعل. وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي:
دخلت يوما على المعتصم وعنده قينة له تغنيه فقال لي: كيف تراها؟ فقلت له: أراها تقهره بحذق، وتجتله برفق، ولا تخرج من شئ إلا إلى أحسن منه، وفي صوتها قطع شذور، أحسن من نظم الدر على النحور. فقال: والله لصفتك لها أحسن منها ومن غنائها. ثم قال لابنه هارون الواثق ولي عهده من بعده: اسمع هذا الكلام. وقد استخدم المعتصم من الأتراك خلقا عظيما كان له من المماليك الترك قريب من عشرين ألفا، وملك من آلات الحرب والدواب ما لم يتفق لغيره. وما حضرته الوفاة جعل يقول (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) [الانعام: 44] وقال: لو علمت أن عمري قصير ما فعلت. وقال: إني أحدث هذا الخلق، وجعل يقول: ذهبت الحيل فلا حيلة. وروى عنه أنه قال في مرض موته: اللهم إني أخافك من قبلي ولا أخافك من قبلك، وأرجوك من قبلك ولا أرجوك من قبلي.
كانت وفاته بسر من رأي في يوم الخميس ضحى لسبع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من هذه السنة - أعني سنة سبع وعشرين ومائتين - وكان مولده يوم الاثنين لعشر خلون من شعبان سنة ثمانين ومائة، وولي الخلافة في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، وكان أبيض أصهب اللحية طويلها مربوعا