في الغريب بيده، ولما وقف عليه عبد الله بن طاهر رتب له في كل شهر خمسمائة درهم، وأجراها على ذريته من بعده. وذكر ابن خلكان: أن ابن طاهر استحسن كتابه وقال: ما ينبغي لعقل بعث صاحبه على تصنيف هذا الكتاب أن نحوج صاحبه إلى طلب المعاش. وأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر. وقال محمد بن وهب المسعودي: سمعت أبا عبيد يقول: مكثت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة. وقال هلال بن العلاء (1) الرقي: من الله على المسلمين بهؤلاء الأربعة: الشافعي تفقه في الفقه والحديث، وأحمد بن حنبل في المحنة، ويحيى بن معين في نفي الكذب، وأبو عبيد في تفسير غريب الحديث. ولولا ذلك لاقتحم الناس المهالك.
وذكر ابن خلكان أن أبا عبيد ولي القضاء بطرسوس ثماني عشرة سنة، وذكر له من العبادة والاجتهاد في العبادة شيئا كثيرا. وقد روى الغريب عن أبي زيد الأنصاري والأصمعي وأبي عبيدة معمر بن المثنى، وابن الأعرابي، والفراء والكسائي وغيرهم وقال إسحاق بن راهويه: نحن نحتاج إليه وهو لا يحتاج إلينا. وقدم بغداد وسمع الناس منه ومن تصانيفه. وقال إبراهيم الحربي: كان كأنه جبل نفخ فيه روح، يحسن كل شئ. وقال أحمد بن كامل القاضي: كان أبو عبيد فاضلا دينا ربانيا عالما متقنا؟ (2) في أصناف علوم أهل الايمان والاتقان والاسلام: من القرآن والفقه والعربية والأحاديث، حسن الرواية صحيح النقل، لا أعلم أحدا طعن عليه في شئ من علمه وكتبه، وله كتاب الأموال وكتاب فضائل القرآن ومعانيه، وغير ذلك من الكتب المنتفع بها رحمه الله. توفي في هذه السنة قاله البخاري. وقيل في التي قبلها بمكة، وقيل بالمدينة. وله سبع وستون سنة. وقيل جاوز السبعين فالله أعلم.
ومحمد بن عثمان أبو الجماهر الدمشقي الكفرتوتي (3) أحد مشايخ الحديث. ومحمد بن الفضل أبو النعمان السدوسي الملقب بعارم شيخ البخاري، ومحمد بن عيسى بن الطباع (4). ويزيد بن عبد ربه الجرجسي الحمصي شيخها في زمانه.