ألف درهم فإن أداها في ثلاثة أيام وإلا قتله فلم يقدر على شيء منها، فأرسل إلى أبي سعيد الكاتب يطلب منه أن يجتمع به فأذن له فاجتمع به وعرفه ضيق يده وسأله أن يضمنه فيخرج من محبسه ويسعى في تحصيل المبلغ المطلوب منه ففعل وأخرجه فلم يفتح عليه بشيء، فعاد إلى أبي سعيد الكاتب فبلغ خبره عمرا فقال والله ما أدري من أيهما أعجب من أبي سعيد فيما فعل من بذل مائة ألف درهم أم في أبي حصين كيف عاد وقد علم أنه القتل ثم أمر بإطلاق ما عليه ورده إلى منزلته.
وحكي عنه أنه كان يحمل أحمالا كثيرة من الجرب ولم يعلم أحد ما مراده فاتفق في بعض السنين أنه قصد طائفة من العصاة عليه للايقاع بهم فسلك طريقا لا تظن العصاة عليه انهم يؤتون منه وكان في طريقه واد فأمر بتلك الجرب فملئت ترابا وأحجارا ونضد بعضها إلى بعض وجعلها طريقا في الوادي فعبر أصحابه عليها وأتاهم وهم آمنون فأثخن فيهم وبلغ منهم ما أراد.
وحكي أيضا أن أكبر حجابه كان اسمه محمد بن بشير وكان يخلفه في كثير من أموره العظام، فدخل عليه يوما وأخذ يعدد عليه ذنوبه فحلف محمد بالله والطلاق والعتق أنه لا يملك إلا خمسين بدرة وهو يحملها إلى الخزانة ولا يجعل له ذنبا لم يعلمه فقال عمرو ما أعقلك من رجل احملها إلى الخزانة فحملها فرضي عنه، وما أقبح هذا من فعل وشره إلى أموال من أذهب عمره في خدمته!