فعادوا إلى بلرم، وأرسلوا جماعة من شيوخهم إليه بطاعتهم واعتذروا من قصدهم جرجنت، ووصل إليه جماعة من أهل جرجنت وشكوا منهم وأخبروه أنهم مخالفون عليه وأنهم إنما سير مشايخهم خديعة ومكرا وأنهم لا إيمان لهم ولا عهد وإن شئت أن تعلم مصداق هذا فاطلب إليك منهم فلانا وفلانا.
فأرسل إليهم يطلبهم فامتنعوا من الحضور عنده وخالفوا عليه وأظهروا ذلك فاعتقل الشيوخ الواصلين إليه منهم واجتمع أهل بلرم وساروا إليه منتصف شعبان ومقدمهم مسعود الباجي وأمير السفهاء منهم ركمويه وصحبهم ثم أسطول في البحر نحو ثلاثين قطعة فهاج البحر على الأسطول فعطب أكثره وعاد الباقي إلى بلرم.
وأما العسكر الذين في البر فإنهم وصلوا إليه وهو على طرابلس فاقتتلوا أشد القتال فقتل من الفريقين جماعة وافترقوا، ثم أعادوا القتال في الثاني والعشرين فانهزم أهل بلرم وقت العصر وتبعهم أبو العباس إلى بلرم برا وبحرا فعاودوا قتاله عاشر رمضان من بكرة إلى العصر فانهزم أهل البلد ووقع القتل فيهم إلى المغرب، واستعمل [أبو] العباس على أرباضها، ونهبت الأموال وهرب كثير من الرجال والنساء إلى طبرمين، وهرب ركمويه وأمثاله من رجال الحرب إلى بلا النصرانية كالقسطنطينية وغيرها، وملك أبو العباس المدينة ودخلها وأمن أهلها وأخذ جماعة من وجوه أهلها فوجههم إلى أبي بأفريقية.