فهدمها، وسار إلى كسنتة فجاءته الرسل منها يطلبون الأمان فلم يجبهم.
وكان قد ابتدأ به المرض وهو علة الذرب فنزلت العساكر على المدينة فلم يجدوا في قتالها لغيبة الأمير عنهم فإنه تزل منفردا لشدة مرضه وامتنع منه النوم وحدث به الفواق وتوفي ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة تسع وثمانين ومائتين فاجتمع أهل الري من العسكر أن يولوا أمرهم أبا مضر بن أبي العباس عبد الله ليحفظ العساكر والأموال إلى أن يصلوا إلى ابنه بأفريقية، وجعلوا الأمير إبراهيم وحملوه إلى إفريقية ودفنوه بالقيروان رحمه الله.
وكانت ولايته خمسا وعشرين سنة وكان عاقلا حسن السيرة محبا للخير والاحسان، تصدق بجميع ما يملك ووقف أملاكه جميعها، وكان له فطنة عظيمة بإظهار خفايا العملات، فمن ذلك أن تاجرا من أهل القيروان كانت له امرأة جميلة صالحة عفيفة فاتصل خبرها بوزير الأمير إبراهيم فأرسل إليها فلم تجبه فاشتد غرامه بها وشكا حاله إلى عجوز كانت تغشاه، وكانت أيضا له من الأمير منزلة ومن والدته منزلة كبيرة وهي موصوفة عندهم بالصلاح يتبركون بها ويسألونها الدعاء، فقالت للوزير أنا أتلطف بها وأجمع بينكما.
وراحت إلى بيت المرأة فقرعت الباب وقالت قد أصاب ثوبي نجاسة أريد تطهيرها؛ فخرجت المرأة ولقيتها فرحبت بها وأدخلتها وطهرت ثوبها وقامت العجوز تصلي فعرضت المرأة عليها الطعام فقالت: