فيما تقدم بالشام، فلما فتح الله على المسلمين وقتلوا أباها جاءوا بها. فقال المسلمون لأبي بكر رضي الله عنه: يا خليفة رسول الله أعط هذه الجارية عبد الرحمن، فقد سلمناها له، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أكلكم على ذلك؟ قالوا: نعم، فأعطاها إياه، وكان لها بساط في بلدها لا تذهب إلى الكنيف أو إلى حاجة إلا بسط لها، ورمي بين يديها برمانتين من ذهب تتلهى بهما، فكان عبد الرحمن إذا خرج من عندها ثم رجع إليها رأى في عينيها أثر البكاء فيقول لها: ما يبكيك؟ اختاري خصالا أيها شئت: إما أن أعتقك وأنكحك، فتقول لا أبتغيه، وإن شئت رددتك إلى قومك، قالت:
ولا أريد، قال وإن أحببت رددتك على المسلمين، قالت: ولا أريد، قال: فأخبريني ما يبكيك؟ قالت أبكي للملك من يوم البؤس.
* حدثنا شريح بن النعمان قال، حدثنا عبد الرحمن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن يحيى بن عبد الرحمن ابن حاطب قال: توفي حاطب (1) وأعتق كل من صام وصلى من رقيقه، وكانت فيهم امرأة سوداء لم تفقه (2)، فلم يرعه إلا حملها (3)، فجاء عبد الرحمن إلى عمر رضي الله عنه فزعا فأخبره، فقال: لأنت الرجل لا تأتي بخير، وأفزعه ذلك، فسأل الجارية:
ممن حملك؟ فقالت من مرعوش بدرهمين تستهل به (لا تكتمه (4))