بني رباح بن يربوع بن حنظلة - كان خصيا في الجاهلية، فكان يقال له: خصي بني رباح - في نفر من أهل البحرين حتى قدموا على عمر رضي الله عنه، فذكروا له أمر قدامة، وشهدوا عليه بشرب الخمر، فسبهم وغضب عليهم غضبا شديدا، وأبى أن ينزلهم، ومنع الناس أن ينزلوهم، ومر الجارود بمنزل عمر رضي الله عنه وابنة له تطلع، وهي ابنة أخت قدامة، فقالت والله لأرجو أن يخزيك الله، فقال: إنما يخزي الله العينين اللتين تشبهان عينيك، أو يأثم أبوك، ورجا عمر رضي الله عنه أن ينزعوا عن شهادتهم، وأعظم ما قالوا، وأرسل إلى الجاورد: لقد هممت أن أقتلك أو أحبسك بالمدينة فلا تخرج منها أبدا أو أمحوك من العطاء فلا تأخذ مع المسلمين عطاء أبدا، فأرسل إليه الجارود: إن قتلتني فأنت أشقى بذاك، وإن حبستني بالمدينة فما بلد أحب إلي من بلد فيه قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنبره ومهاجره، وإن محوتني من العطاء ففي مالي سعة، ويكون عليك مأثم ذاك وتباعته، فلما رأى عمر رضي الله عنه أنهم لا ينزعون ولا يزدادون إلا شدة أرسل إليهم وسمع منهم وقال: والله ما استعملت عاملا قط لهوى لي فيه إلا قدامة، ثم والله ما بارك الله لي فيه، ثم كتب إلى أبي هريرة رضي الله عنه:
إن كان ما شهدوا حقا فاجلد قدامة الحد وأعدل، فلما جاء كتاب عمر أبا هريرة رضي الله عنه جلد قدامة الحد، فقدم قدامة على عمر رضي الله عنه، فتظلم من أبي هريرة، فقدم أبو هريرة رضي الله عنه فأرسل إليه عمر رضي الله عنه: خاصم قدامة فإنه قد تظلم منك، فقال: لا حتى يرجع إلى عقلي ويذهب عني نصب السفر وأنام،