يستأذن على عثمان رضي الله عنه - وأنا عنده - فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا أبو ذر يستأذن. قال: إيذن له إن شئت فإنه يؤذينا ويشقينا. قال: فأذنت له، فأقبل حتى قعد على سرير من سرر يقال لها النجدية ذي قوائم أربع يرجف به السرير من طوله وعظمه - وكان طويلا عظيما - فقال له عثمان رضي الله عنه: أنت الذي تزعم أنك خير من أبي بكر وعمر؟! قال أبو ذر رضي الله عنه:
ما قلت هذا. قال عثمان: إني أقيم عليك البينة. قال: ما أدري ما بينتك قد عرفت ما قلت، قال: فكيف قلت؟ قال: قلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحبكم إلي وأقربكم مني الذي يأخذ بالعهد الذي تركته عليه حتى يلحقني. وكلكم قد أصاب من الدنيا غيري، فأنا على العهد وعلى الله البلاغ. قال له عثمان رضي الله عنه: الحق بمعاوية، فأخرجه إلى الشام، فلما قدم على معاوية رضي الله عنه قدم رجل حديث العهد برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بقلوب الناس فأبكى عيونهم، وأوغر (1) صدورهم، وكان فيما يقول: لا يبقين في بيت أحد منكم دينار ولا درهم ولا تبر ولا فضة إلا شئ ينفقه في سبيل الله أو يعده لغريم. فأنكر معاوية رضي الله عنه الناس، فبعث إليه معاوية رضي الله عنه جنح الليل بألف دينار أراد أن يخالف فعله قوله وسريرته علانيته. فلما جاءه الرسول قسم الألف فلم يصبح عنده منها دينار ولا درهم.
فلما أصبح معاوية رضي الله عنه دعا الرسول فقال له: انطلق إلى أبي ذر فقل له: أنقذ لي جسدي من عذاب معاوية أنقذ الله جسدك