على أن تصرف ذلك إلى نفسك، أو توليه من بدا لك، وفي القوم من هو أمس بك يومئذ رحما مني إلا رجاء الصلة والاحسان فيما بيني وبينك؟ فقال عبد الرحمن: وليتك ما وليتك والله يعلم أني قد اجتهدت ولم آل أن أجد خير عباده. أما أنا فكان يعلم الله موضعي ما لم أكن لأليها، وأما أنا فاجتهدت لامة محمد فوليت أمرهم خيرهم، فإذا سألني قلت: يا رب وليت أمرهم خيرهم (فيما (1)) أعلم. قال عثمان: فاجتهدت أنت لنفسك وحرصت، وأنا والله ما آلو أن أجتهد وأحرص في أفضل من أعلم، والله لا أفتك هذا من رقبتك أبدا. فلما رأى ذلك عبد الرحمن انصرف، فقام بين المنبر والقبر فدعا فقال: اللهم إن كان من تولية عثمان إياي ما ولاني فأمتني قبل عثمان فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى قبضه الله (2).
* حدثنا ابن وهب قال، حدثني الليث بن سعد: أن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه خرج إلى العمرة في حلافة عثمان رضي الله عنه فاشتكى عثمان بعده حتى خاف على نفسه، وأوصى ودعا مولاه حمران فكتب عهد في الناس، واستخلف عبد الرحمن بن عوف في عهده، وأمر حمران ألا يذكر لبشر، فلم يرجع عبد الرحمن من العمرة حتى عوفي عثمان رضي الله عنه، فانطلق حمران إلى ابن عوف حين قدم فرحب به، ثم أخبره بالذي كان من استخلافه إياه على الأمة واستكتمه، فقال عبد الرحمن: ما يسعني أن أكتم ذلك عنك، وما لي بد أن أخبره إياه ليحذرك. قال: أهلكتني. قال: إني لم أفعل