جمعته. فقال له معاوية رضي الله عنه: أما أنا فلا أدخل في هذا بعد إذ نجوت منه أمس، فقال له النبطي: يا أمير المؤمنين ثيابك قد اتسخت فإن رأيت أن تعطينا (إياها (1)) تغسلها ونرمها؟ قال: نعم، فدفع إليه ثيابه واتزر بكساء، فعمد النبطي فغسل الثياب وتركها في الماء، ثم هيأ له قميصا مرويا ورداء قصيبا، فلما حضرته الجمعة قال له عمر رضي الله عنه ايتني بثيابي، قال يا أمير المؤمنين ما جفت، فنحن نعيرك ثوبين حتى تقضي جمعتك، قال: أرني، فلما نظر إلى القميص قال: ويحك كأنما رفي رفوا اغربهما عني وأتني بثيابي.
فجاء بها تقطر، فجعل يتناولها، وجعل النبطي يأخذ بطرف الثوب وعمر رضي الله عنه بالطرف الآخر، فجعل يعصرها ويلبسها، ثم دعا بكرسي من كراسي الكنيسة فقام عليه وجعل يخطب الناس وهو يمسح ثيابه ويمددها - قال فسألته أي شئ كانت ثيابه؟ قال غزلي كتان - وجاءت الرهبان فقاموا وراء الناس وعليهم القلانس تبرق بريقا ومعهم عصي عليها صفائح الفضة ومعهم المواكب، فلما نظروا إليه وإلى هيئته قالوا: أنتم الرهبان. لا والله. ولكن هذه الرهبانية؟!
وما أنتم عنده إلا ملوك.
ثم ارتحل حتى أتى دمشق فشاطرهم منازلهم وكنائسهم، وجعل يأخذ الحيز القبلي من الكنيسة لمسجد المسلمين لأنها أنظف وأطهر وجعل يأخذ هو بطرف الحبل والنبطي بطرف الحبل حتى شاطرهم منازلهم، قال: فربما أرخى فأخذ الحبل منه فأعقبه، ففرغ عمر رضي الله عنه من دمشق وحمص.