فأتانا سويد بن غفلة فقال: إن لكم علينا حقا، وإن لكم جوارا، وقد بلغني أنكم تسرعتم إلى هذا الرجل! فوالله لا أحدثكم إلا بشئ سمعته منه: أقبلت ذات يوم فغمزني غامز من خلفي فالتفت فإذا المختار، فقال: أيها الشيخ. ما بقي في قلبك من حب ذاك الرجل - يعني عليا - قلت إني أشهد الله أني أحبه بقلبي وسمعي وبصري ولساني، قال: ولكني أشهد الله أني أبغضه بقلبي وبصري وسمعي - وأحسبه قال وبلساني. فقلت: أبيت والله إلا تثبيطا عن آل محمد وترتيبا لنقبل حراق - أو إحراق - المصاحف. قال فوالله لا أحدثكم إلا بشئ سمعته من علي: سمعته يقول: اتقوا الله في عثمان ولا تغلوا فيه، ولا تقولوا حراق المصاحف، فوالله ما فعل الذي فعل إلا عن ملاء منا أصحاب محمد، دعانا فقال: ما تقولون في هذه القراءة؟
فقد بلغني أن بعضكم يقول قراءتي خير من قراءتك. وهذا يكاد يكون كفرا، وإنكم إن اختلفتم اليوم كان لمن بعدكم أشد اختلافا، قلنا: فما ترى؟ قال: أن أجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف. قلنا: فنعم ما رأيت. قال (1): فأي الناس أقرأ؟
قالوا: زيد بن ثابت، قال: فأي الناس أفصح وأعرب؟ قالوا: سعيد ابن العاص. قال فليكتب سعيد وليمل زيد، قال: فكانت مصاحف بعث بها إلى الأمصار، قال علي: والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل (2).
* حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال، حدثنا محمد