فهم ولاة هذا الامر ما بقي منهم إنسان، وهذان البلدان - المدينة ومكة - خير البلدان، فالتابعون ينظرون إلى السابقين، والبلدان ينظرون إلى هذين البلدين، وإني قد رأيتكم بطرتم نعمكم، ونشبتم في الطعن على إمرتكم، وإني والله إن صفقت إحدى يدي على الأخرى لم يقم السابقون للتابعين، ولا البلدان على البلدان وما هم في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، فلا ينزعن أمركم من أيديكم، ولا يخرجن من بين أظهركم، فإياكم إياكم، فرب أمر يستأنى فيه وإن كره خيفة لما في عاقبته (1).
* حدثنا محمد بن سعيد الدمشقي قال، حدثنا عبد الكريم ابن يزيد، عن موسى بن محمد بن طلحة، عن أبيه قال: إني لمع أبي في المنزل حين أتاه رسول عثمان يدعوه، فقام يلبس ثوبه، ثم أتاه رسول ثان، ثم أتاه رسول ثالث، فانطلق وانطلقت معه فإذا عثمان جالس وعنده المهاجرون وعيون الأنصار وفي قدمة قدمها مع معاوية، فلما رأيتهم علمت أنه ليس مجلسي، فتنحيت ناحية، فتكلم عثمان فعلمت أنه كان ينتظر أبي، فحمد الله وأثني عليه ثم قال: إنكم نقمتم علي رجالا استعملتهم بهذه الأعمال، فولوها من أحببتم. ونقمتم علي هذا الحمى، وإني نظرت فرأيت المسلمين لا يستغنون عن إبل معدة لهم للنائبة تنوب، وللامر يحدث، فحميت لها حمى، وإني أشهدكم أني قد أبحتها، ونقمتم علي إيوائي الحكم بن أبي العاص، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يقبل توبة الكافر، وإن الحكم تاب فقبلت توبته، ولعمري لو كانت