عمر رضي الله عنه: ويحك إن ذلك يضرك. قال: ولكنها مكرمة وشرف أناله. قال: انطلق فتهيأ حتى نأتيك، فانطلق فتهيأ في كنيسة بصرى ونجدها وهيأها وهيأ فيها الأطعمة وقباب الخبيص وكانونا عليه المجمر، فلما جاء عمر رضي الله عنه وأصحابه نزل في بعض البيادر، ثم خرج يمشي وتبعه الناس والنبطي بين يديه، ثم بدا لعمر رضي الله عنه فقال: لا يتبعني أحد، ثم مضى هو والنبطي، فلما دخل الكنيسة إذا هو بالستور والبسط وقباب الخبيص والمجمر، فقال للنبطي: ويلك لو نظر من خلفي إلى ما ها هنا، أفسدت علي قلوبهم، اهتك ما أرى، قال: يا أمير المؤمنين: إني أحب أن تنظروا إلى نعمة الله علي. فقال له: إن أردت أن نأكل طعامك فاصنع ما آمرك، فهتك الستور ونزع البسط، وأخرج عنه المجمر، ثم قال له: اخرج إلى رحالنا فأتني بأنطاع، فأخذها عمر رضي الله عنه فبسطها في الكنيسة، ثم عمد عمر رضي الله عنه إلى ذلك الخبيص وما كان هنا فعكس بعضه على بعض، فجعل يحمل بيديه ويجعله على الأنطاع، ثم قال: ادع الناس، فجاؤوا فجثوا على ركبهم وأقبلوا يأكلون، فربما وقعت القطعة من الخبيص في فم الرجل فيقول: إن هذا طعام ما رأيناه، فقال عمر رضي الله عنه (لقسطنطين (1)): ويحك أما تسمع؟ كيف لو رأوا ما رأيت؟! فلما فرغوا قال النبطي لمعاوية رضي الله عنه: إن الأحبار والرهبان قد اجتمعوا، فهم يريدون أن ينظروا إلى أمير المؤمنين، وإنما عليه أخلاق وسخه مهلهلة فلنحدثه عنها فنعيره ثيابا غير هذه حتى يقضي
(٨٢٩)