ولفظ القصر لنفس الاقتصار على الركعتين من الرباعية، فإطلاق لفظ القصر في الآية مشعر بسابقة وجوب الاتمام لا محالة.
وإذا كان الاتمام هو الأصل السابق على القصر، فقد بطل ما ذكروه، كيف وإن ما ذكرناه من الاحتمال هو الأولى، وإلا، فلو كان اشتراط الخوف في القصر مانعا من القصر مع عدمه، لما جاز القصر مع عدم الخوف، أو كان القصر على خلاف الدليل، وهو ممتنع من غير ضرورة وأما (1) عدم العلم والقدرة، وعدم وجوب الزكاة عند عدم الحياة وعدم الحول، فليس في ذلك ما يدل على أن عدم الشرط مانع من وجود الحكم مع عدمه ولا بد، بل غايته أن الحكم قد ينتفي في بعض صور نفي الشرط، ولا نزاع فيه وإنما النزاع في لزوم انتفائه من انتفاء شرطه ولا بد.
وأما الوجه الثالث فالوجه في جوابه أن يقال: لا يلزم من كونه الشرط لا يلزم من ثبوته ثبوت الحكم، ولا من نفيه نفيه، إذا كان غير الشرط مشاركا له في هذه الصفة، أن يكون شرطا، لأنه لا يمتنع اشتراك المختلفات في عارض عام لها كيف وإن معنى كون الشئ شرطا لغيره أنه مؤكد لحال المشروط، بمعنى أنه إذا تحقق الشرط لا يجوز نفي المشروط عند تحقق مقتضيه دفعا لوهم من توهم أن الخطاب لو ورد مطلقا لجاز أن لا يكون المشروط بذلك الشرط مرادا وذلك كما لو قال القائل ضح بالشاة وإن كانت عوراء فإنه لو قال ضحوا بالشاة مطلقا لجاز أن يتوهم متوهم أنه لا يجوز التضحية بالعوراء، فكان ذكر الشرط لدفع هذا الوهم.
وعلى هذا فلا يلزم أن يكون كل شئ شرطا لكل شئ، كما قالوه، إلا أن يكون الشرط على هذا النحو الذي ذكرناه، وليس كذلك.
وإن سلمنا أن الشرط يمنع من وجود المشروط دونه، ولكن متى إذا أمكن قيام شرط مقام ذلك الشرط، أو إذا لم يقم مقامه شرط آخر؟ الأول ممنوع، والثاني مسلم. وهذا هو مذهب القاضي عبد الجبار وأبي عبد الله البصري. وعلى