وهي بعيدة عن التحقيق. وذلك أن قول القائل اضرب الرجال الطوال إنما يدل على امتناع ضرب القصار بتقدير اختصاص الطوال بالذكر، وإذا عطف عليه القصار، فلا يكون مخصصا للطوال بالذكر، فلا يدل على نفي الضرب عن القصار، ثم هو منتقض بالتخصيص بالغاية، كما لو قال القائل لغيره صم إلى غروب الشمس فإنه يدل على أن حكم ما بعد الغاية مخالف لما قبلها، ومع ذلك فإنه لو قال له صم إلى غروب الشمس وإلى نصف الليل فإنه لا يكون نقضا.
الحجة الخامسة: أنه لو كان تعليق الحكم بالصفة دالا على نفيه عن غير الموصوف بها لما حسن الجمع بين قوله أد زكاة السائمة وبين قوله والمعلوفة لما بينهما من التناقض، كما لا يحسن أن يقول له لا تقل لزيد أف، واضربه.
ولقائل أن يقول: إنما لا يحسن ذلك أن لو قيل بالمناقضة، وليس كذلك على ما سبق في الحجة التي قبلها. هذا إذا كان بطريق العطف، وأما إن قال بعد ذلك أد زكاة المعلوفة فإنما لم يمتنع، لان غايته أن صريح قوله: أد زكاة الغنم المعلوفة وقع معارضا لدليل الخطاب والمعارضة غير ممتنعة. ولا يلزم من عدم جواز مثل ذلك في فحوى الخطاب امتناعه في دليل الخطاب، إذ هو قياس في اللغة وهو ممتنع لما سبق. وبتقدير صحة القياس في اللغة، فالفرق ظاهر، وذلك لان امتناع ذلك في فحوى الخطاب إنما كان فيما علم، لا فيما ظن على ما سبق. ودليل الخطاب مظنون، ولا يلزم من امتناع معارضه المقطوع امتناع معارضة المظنون.
ثم يلزم عليه التخصيص بالغاية كما سبق.
الحجة السادسة: ذكرها أبو عبد الله البصري والقاضي عبد الجبار، وهي أن المقصود من الصفة إنما هو تمييز الموصوف بها عما سواه. وكذلك المقصود من الاسم إنما هو تمييز المسمى عن غيره، وتعليق الحكم بالاسم، كما لو قال: زيد عالم لا يدل على نفي العلم عمن لم يسم باسم زيد فكذلك تعليق الحكم بالصفة.
ولقائل أن يقول: قياس التخصيص بالصفة على التخصيص بالاسم قياس في اللغة، فلا يصح، وإن صح، فلا نسلم أن تعليق الحكم بالاسم لا يدل على نفي الحكم عما سواه، كما يأتي. وإن سلم عدم دلالته على ذلك، فإنما يلزم مشاركة التعليق