منضبط مشتمل على مصلحة أو مفسدة، فقد أمكن التعليل به كما أمكن التعليل بالوصف الوجودي.
والجواب عن الأول أن ما ذكروه من لزوم التسلسل بتقدير كون العلية صفة وجودية لزم بتقدير كونها عدمية، وذلك، لان المفهوم من صفة العلية، إذا كان أمرا عدميا، فإما أن يكون واجبا لنفسه ومفهومه، أو ممكنا لا جائز أن يكون واجبا لذاته، والا لما افتقر في تحقيقه إلى نسبته إلى ذات العلة وكونه وصفا لها، وإن كان ممكنا، فلا بد له من علة مرجحة. والتسلسل لازم له وعند ذلك، فالجواب يكون متحدا. وما ذكروه من الاحتجاج ثانيا، فلا يصح. وذلك، لان وجود الداعي إلى الفعل شرط وجود الفعل. وكذلك الرؤية لزيد شرط في السلام عليه، لا أن ذلك علة له، وإنما أضيف عدم الأثر إليه بلام التعليل بجهة التجوز لمشابهته للعلة في افتقار الأثر إلى كل واحد منهما. ولذلك، يقال في صورة تعليق الطلاق والعتق بدخول الدار إنما طلقت الزوجة، وعتق العبد لدخول الدار ويجب حمل ذلك على جهة التجوز جمعا بينه وبين ما ذكرناه من الدليل.
قولهم على الوجه الثاني: ليس فيه دلالة على توقف الحدوث عل تجدد الوجود قلنا: دليله ما ذكرناه، وما ذكروه من الاستشهاد. فإنما صح بناءا على الظاهر من جهة أن الغالب في حدوث المال لبعض الأشخاص أن يكون مستندا إلى صنعة لا إلى ما ذكروه. ونحن إنما نتمسك في هذا الوجه بالظاهر، لا بالقطع.
وما ذكروه من المعارضة الدالة على تعليل الامر الوجودي بالامر العدمي غير صحيح. فإن المعلل به ليس هو العدم المحض، فإنه غير منتسب إلى فعل الشخص فلا يحسن جعله علة للعقاب، لا عقلا ولا شرعا، وإنما التعليل بالامتناع عن ذلك وكف النفس عنه، وهو أمر وجودي لا عدمي.
وما ذكروه على الوجه الثالث فحاصله راجع إلى التعليل بالاعدام المقدور، وهو أمر وجودي لا بالعدم المحض الذي لا قدرة للمكلف عليه. وذلك غير ما وقع فيه النزاع.