والكفارات، فإنه مع كونه غير معقول المعنى، غير مستثنى من قاعدة سابقة عامة.
وعلى كلا التقديرين يمتنع فيه القياس.
القسم الثاني: ما شرع ابتداء، ولا نظير له، ولا يجري فيه القياس لعدم النظير وسواء كان معقول المعنى، كرخص السفر والمسح على الخفين لعلة دفع المشقة، أو هو غير معقول المعنى، كاليمين في القسامة وضرب الدية على العاقلة ونحوه.
الشرط السادس: إذا كان حكم الأصل متفقا عليه، فقد اختلفوا في كيفية الاتفاق:
فمنهم من قال بأنه يكفي أن يكون ذلك متفقا عليه بين الفريقين لا غير.
ومنهم من قال: لا يكفي ذلك، بل لا بد وأن يكون متفقا عليه بين الأمة، وإلا فإن كان متفقا عليه بين الفريقين فقط، فلا يصح القياس عليه، وسموه قياسا مركبا.
وقبل النظر في مأخذ الحجاج، فلابد من النظر في معنى القياس المركب وأقسامه.
أما القياس المركب فهو أن يكون الحكم في الأصل غير منصوص عليه، ولا مجمع عليه من الأمة (1) وهو قسمان:
الأول مركب الأصل، والثاني مركب الوصف.
أما التركيب في الأصل فهو أن يعين المستدل علة في الأصل المذكور، ويجمع بها بينه وبين فرعه، فيعين المعترض فيه علة أخرى، ويقول: الحكم عندي ثابت بهذه العلة، وذلك كما إذا قال في مسألة الحر بالعبد مثلا، عبد فلا يقتل به الحر كالمكاتب، فإن المكاتب غير منصوص عليه، ولا مجمعا عليه بين الأمة، لاختلاف الناس في وجوب القصاص على قاتله، وإنما هو متفق عليه بين الشافعي وأبي حنيفة، وعند ذلك فللحنفي أن يقول العلة في المكاتب (2) المتفق عليه المانعة من جريان القصاص فيه عندي إنما هو جهالة (3) المستحق من السيد أو الورثة. فإن سلم ذلك امتنعت التعدية إلى الفرع لخلو الفرع عن العلة، وإن أبطل التعليل بها فأنا أمنع الحكم في الأصل لأنه إنما ثبت عندي بهذه العلة، وهي مدرك إثباته، ولا محذور في نفي الحكم.