وإن أريد به أنه لا بد من قيام دليل على ذلك بجهة العموم والشمول، فهو حق:
وذلك لأنا سنبين أن كل أصل أمكن تعليل حكمه فإنه يجب تعليله، وإنه يجوز القياس عليه، وذلك لان مدرك كون القياس حجة إنما هو إجماع الصحابة على ما يأتي (1) وقد علمنا من تتبع أحوالهم في مجاري اجتهاداتهم أنهم كانوا يقيسون الفرع على الأصل عند وجود ما يظن كونه علة لحكم الأصل في الأصل فظن وجوده في الفرع وإن لم يقم دليل خاص على وجوب تعليل حكم ذلك الأصل وجواز القياس عليه، حتى قال عمر لأبي موسى الأشعري: اعرف الأشباه والأمثال، ثم قس الأمور برأيك (2) ولم يفصل.
وكذلك اختلفوا في قوله أنت علي حرام حتى قاسه بعضهم على الطلاق، وبعضهم على الظهار، وبعضهم على اليمين. ولم ينقل نص خاص ولا إجماع، على القياس على تلك الأصول ولا على جواز تعليلها.